في اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري: إن حلقةَ الوصل بيننا جميعاً هي إنسانيتنا
يحتفل العالم في 21 مارس/آذار من كل عام باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، إيماناً منها بأهمية إحلال السلام الدائم والذي يرتكز بشكل أساسي على الحق في المساواة وعدم التمييز بغض النظر عن العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الاختلاف السياسي أو غير ذلك. حيث تم حظر التمييز العنصري في جميع الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، وعلى الدول مهمة القضاء على التمييز بكافة صوره وأشكاله من خلال اتخاذ تدابير خاصة للقضاء على الظروف التي قد تتسبب في التمييز العنصري أو تعمل على إدامته.
تقوّض أنماط التمييز الممنهج ضد الأغلبية الشيعية في البحرين حقهم الأساسي في حرية التعبير والدين والثقافة، وقد اتخذت انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت ضد الأغلبية الشيعية في البحرين أشكال تدمير أماكن العبادة، ومحاولات لمحو علامات تدل على وجود المواطنين الشيعة في البلاد، والتهميش في الروايات التاريخية للبلاد، والتضليل فيما يتعلق بهويتهم الدينية والثقافية من خلال النظام التعليمي والتحريض على التمييز والعنف ضدهم في وسائل الإعلام.
كانت ذروة هذه المحنة في 14 فبراير 2011، وسط أجواء الربيع العربي، حيث طالبت الغالبية العظمى من البحرينيين بإصلاحات ديمقراطية أساسية من أجل إعادة البلاد لنموذج العيش في وئام وعدالة، وبدلاً من الاستجابة للمطالب الديمقراطية السلمية، لجأ النظام إلى استخدام القوة لقمع المظاهرات السلمية، وهدم دوار اللؤلؤة المقترن بالثورة المؤيدة للديمقراطية كما لجأت الحكومة أيضاً إلى خلق الاصطفافات الطائفية مما أدى إلى تفتيت النسيج القومي للسكان، كما وتم تدمير ما لا يقل عن 38 مسجداً شيعياً في جميع أنحاء البحرين وقد فشلت الحكومة في تحقيق التزاماتها بإعادة بناء تلك المساجد حتى اليوم.
وكان دور الإعلام الرسميّ فعّالًا في تعزيز الكراهيّة الطائفيّة بدلاً من تجريم التحريض على الكراهيّة والتعصّب الطائفيّ، وهو ما يخالف بالطبع نصوص العهد الدوليّ للحقوق المدنيّة والسياسيّة، ويتعارض مع اتفاقيّة القضاء على جميع أشكال التمييز العنصريّ التي تحظر جميع أشكال التمييز العنصري.
يدعو مركز البحرين لحقوق الانسان أعضاء لجنة القضاء على كافّة أشكال التمييز بالأمم المتحدة، للضغط على حكومة البحرين لإشعارها بعدم التزامها عمليًا بالاتفاقيّة.
وقد قالت نائبة رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نضال السلمان: "إن حلقةَ الوصل بيننا جميعاً هي إنسانيتنا. ونحن جميعاً متساوون. وينبغي لنا جميعاً أن نحرص على ما فيه خير لبعضنا البعض".
كما يدعو المركز حكومة البحرين الى إطلاق سراح جميع الناشطين الحقوقيين البحرينيين والمعارضين السياسيين الذين تم اعتقالهم لممارستهم السلمية لحقوقهم، فورًا ودون شروط، إلى جانب محاسبة المسؤولين عن هدم 38 مسجدًا شيعيًا في عام 2011.
كذلك ندعو مكاتب الإجراءات الخاصة المكلفة في مجلس حقوق الإنسان إلى ارسال بعثات إلى البحرين للتحقيق في أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير إلى مجلس حقوق الإنسان مع توصيات محددة، وخاصة المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد، والمقرر الخاص المعني بحقوق الأقليات، والمقرر الخاص في مجال الحقوق الثقافية، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بالحق في التعليم.
نجدد في مركز البحرين لحقوق الإنسان دعوتنا وحثّنا حكومة البحرين بالإفراج الفوري عن جميع النشطاء
كانت قد بدأت السلطات في البحرين فجر الأربعاء 11 مارس/ آذار، وعلى مدى أيام، الإفراج عن مئات من المحكومين و ذلك تنفيذًا لمرسوم ملكي بالعفو وتنفيذ العقوبات البديلة.
يرحّب مركز البحرين لحقوق الانسان بالخطوات الإيجابية بالإفراج عن مجموعة من المحتجزين لظروف إنسانية، وبحسب ما رصدناه، فإن الغالبية العظمى من المفرّج عنهم هم خليط من الأجانب والبحرينيين المحتجزين بتهم جنائية، في حين تم إطلاق سراح عدد من السجناء على خلفية قضايا سياسية.
ولكن الحقيقة أنّا شعرنا بخيبة أمل لعدم إدراج المزيد من الأحداث والنزلاء الذين يعانون من ظروف صحية، كما نشعر مل زلنا بالقلب لاستبعاد رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، نبيل رجب، من قائمة المفرج عنهم، وكذلك العضو المؤسّس لمركز البحرين لحقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة والناشط ناجي فتيل، وجميعهم محتجزون لمجرد ممارستهم لحقهم المشروع في حرية التعبير وحق التجمع السلمي .
ومع إطلاق السلطات البحرينية سراح بعض السجناء وبقاء العديد من المعتقلين السياسيين خلف القضبان وسط حرمانهم من الرعاية الصحية المناسبة، يظهر جلياً أنّ قرار العفو الملكي الصادر في 13 مارس 2020 والذي قضى بالافراج عن 1486 سجينًا مع تطبيق “العقوبات البديلة”، كان محدودًا.
إنّ العديد من المعتقلين السياسيين لا زالوا خلف القضبان رغم تردي أوضاعهم الصحية ووسط المطالب والمناشدات الدولية والحقوقية العديدة، حيث لم يشمل الافراج من يعانون من أمراض خطيرة و مزمنة مثل الناشط والأكاديمي البحريني الدكتور عبد الجليل السنكيس الذي يعاني من متلازمة ما بعد شلل الأطفال وفقر الدم المنجلي، والاضطرابات العضلية الهيكلية؛ كما لم يشمل كبار السن مثل محمد جواد برويز و الذي يعدّ من أكبر المعتقلين سنًا في البحرين.
إنّ استهداف النشطاء بسبب ممارستهم حقوقهم المكفولة يعتبر إنتهاك لجميع المواثيق الدولية، لذلك نجدد في مركز البحرين لحقوق الإنسان دعوتنا وحثّنا حكومة البحرين بالإفراج الفوري عن جميع النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتوقف عن إستهدافهم ومنحهم مساحة لمباشرة عملهم دون انتقام أو اضطهاد.
في الذكرى التاسعة لهجوم "دوار اللؤلؤة": هذه الاحتجاجات أحدثت صحوة في البلاد بشأن الحقوق والحريات
كانت البحرين بين الدول العربية التي شهدت حركات احتجاجية في عام 2011، لكن وعلى الرغم من سلميتها جوبهت احتجاجاتها بالعنف وقامت الحكومة بقمعها بشدة.
إنطلقت الاحتجاجات البحرينية في 14 فبراير 2011 للمطالبة بالإصلاح السياسي، وأقام آلاف المتظاهرين الخيم في دوار اللؤلؤة بالعاصمة المنامة (أقيم النصب في الدوار عام 1981 وهو عبارة عن نصب ذو ستة أعمدة تمثل دول مجلس التعاون الخليجي الست، وتعتليها لؤلؤة ترمز للبحرين، التي ارتبطت بالبحر واستخراج اللؤلؤ وتجارته) مع انطلاق موجة الاحتجاجات وأقام المتظاهرون ما يشبه مخيماً دائماً في الدوار، ومنعوا حركة السير فيه استعداداً لاعتصام طويل الأمد. .
ولكن في فجر 17 فبراير، وبالتحديد حوالي الساعة الثالثة فجرًا هجمت قوات الأمن بشكل مباغت، و جاء نداء الاستغاثة لسيارات الإسعاف والذي أطلق مباشرة بعد وصول خبر ضرب الدوار، فخرجت سيارات الإسعاف بين الساعة 3:30- 6:30 صباحاً ، لتختفي بعدها.
لجأ المصابون إلى مجمع السلمانية الطبي وهو أكبر مستشفى عام في البلاد و يقع في منطقة قريبة جدًا من مكان الاعتصام في دوار اللؤلؤة، واعتبروا الحرم الطبي مكانًا آمنًا، فيما كان الطاقم الطبي في حالة من الذهول. لا أحد يعرف حجم المصابين وعددهم وإصاباتهم.
وصلت الحالات والإصابات إلى المستشفى في سيارات مدنية خاصة، و توافدت الجماهير إلى مستشفى السلمانية في حالة من الهياج والغضب الشديدين بعد هذا الهجوم، و سقط قتيلان على الفور و هما محمود مكي أبو تاكي (21 عاماً)، وعلي خضير(58 عاماً)، وإصابة خطيرة راح ضحيتها علي المؤمن (22 عاماً)، إضافة إلى عشرات الجرح والمصابين.
بعد الساعة الثامنة صباحاً، حدث ثوران شعبي عارم، أعداد غفيرة احتشدت عند المستشفى، و حاول المحتجون العودة للدوار، لكن قوات الأمن والجيش البحريني واجتهم بمسيلات الدموع والرصاص المطاطي والانشطاري عن قرب، إلى الحد الذي تم فيه تفجير رأس عيسى عبد الحسن (61 عاماً) بتصويب مباشر.
فُض اعتصام دوار اللؤلؤة بالقوة في 14 مارس بمساعدة قوات درع الجزيرة وهي قوة مشتركة من دول الخليج بدعوة من البحرين لحماية المصالح الاستراتيجية و هو ما رفضته المعارضة، وفي اليوم التالي تمكنت قوات الأمن البحرينية من فض الاعتصام وتزامن ذلك مع الإعلان عن فرض حالة الطوارئ لثلاثة أشهر، وبعد فض الاعتصام وبالتحديد في تاريخ 18 مارس جرفت السلطات النصب الذي كان موجوداً في الدوار وأزالته بشكل نهائي وازامن ذلك مع حملات اعتقال واسعة المدى شملت كل من تواجد في مركز الاعتصام و كل من شارك في المسيرات الاحتجاجية في مدن و قرى البلاد إلى جانب جميع النشطاء الاكترونيين، فقد وصلت الاعتقالات لتستهدف من وصع علامة "اعجاب" على منشور يحوي أي محتوى سياسي أو متعلق بالحراك .
رغم سيطرة النظام في البحرين على منطقة دوار اللؤلؤة، وهدم نصبه التذكاري وتحويل منطقة محيط الدوار لمنطقة عسكرية مغلقة لسنوات، وقيام قوات مشتركة من الحرس الوطني والجيش و ووزارة الداخلية بمنع اقتراب أي مواطن منها، إلاّ أن الحراك السياسي والحراك الميداني ساهم في تكوين حركة مراجعات حول مسألة الديمقراطية والتنمية في منطقة الخليج العربي.
وفي الذكرى السنوية التاسعة للاحتجاجات، التي يطلق عليها البحرينيون تسمية "الثورة الشعبية" يستذكر مركز البحرين لحقوق الانسان أحداث دوار اللؤلؤة، مؤكد أن هذه الاحتجاجات أحدثت صحوة في البلاد بشأن الحقوق والحريات و نالت دعم أغلب المنظمات الدولية والمجتمع الدولي و سلطت الضوء على أوضاع حقوق الإنسان في البحرين.
الافراج عن سجينة الرأي هاجر منصور
يوافق اليوم الخميس (5 مارس/آذار) إطلاق سراح سجينة الرأي هاجر منصور، 51 عامًا، والتي سُجنت منذ نحو ثلاث سنوات في سجن مدينة عيسى للنساء سيئ السمعة على خلفية انتقامية من نشاط صهرها سيد أحمد الوداعي مدير معهد البحرين للحقوق و الديمقراطية في بريطانيا.
و كانت المحكمة قد أصدرت في أكتوبر/ تشرين الاول 2017 حكمًا على هاجر منصور وابنها سيد نزار علوي بالسجن لمدّة ٣ سنوا