اعتداءات متكررة واستخدام مفرط للقوة ضد نزلاء السجن المركزي
5 أغسطس 2010
"باستثناء القيود التي من الواضح أن عملية السجن تقتضيها، يحتفظ كل السجناء بحقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحيث تكون الدولة المعنية طرفا، في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوله الاختياري، وغير ذلك من الحقوق المبينة في عهود أخرى للأمم المتحدة" - المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء
تلقى مركز البحرين لحقوق الإنسان عدة اتصالات من قبل أهالي محكومين سياسيين وجنائين على خلفية تعرض أبنائهم للضرب والمعاملة الحاطة بالكرامة داخل سجن "جو" المركزي. وأفاد الأهالي بأن ابنائهم حرموا من العديد من حقوقهم التي كانوا يتمتعوا ببعضها كنزلاء في ذلك السجن دون سابق إنذار. كما تناقلت الصحف المحلية ومنها صحيفة الوسط[1] قيام نزلاء سجن "جو" المركزي بالإضراب العام عن الطعام وذلك في يوم السبت الموافق 24 يوليو 2010 إلا أنه وبعد يومين من نشر الخبر في الصحف المحلية صرحت وزارة الداخلية على لسان مدير إدارة الإصلاح والتأهيل بأن إضراب سجناء جو جاء لتحقيق مطالب غير قانونية علماً بأن جميع مطالبهم هي مطالب ليست سوى أمور تتعلق بتحسين الوضع المعيشي داخل السجن ورفض المعاملة الحاطة بالكرامة التي طالما اشتكى منها نزلاء السجن واتهم فيها ضباط ومأموري السجن. ومن بعض مطالب السجناء التي صرحوا بها فتح الزنازين للنزلاء في العنبر الواحد ليتواصلوا مع بعضهم البعض وتوفير الوقت للنزلاء لممارسة الرياضة اليومية واستلام بعض الحاجيات والمأكولات من ذويهم أثناء الزيارات إضافة إلى ممارسة شعائرهم الدينية. ومعظم هذه المطالب كانت متوافرة سابقاً في السجن قبل أن تفاجئ إدارة السجن النزلاء بمنعها دون ذكر المبررات.
ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان أن أسباب اتخاذ هذه الإجراءات التقيدية الجديدة هو تزايد أعداد السجناء السياسيين أو المحكومين في الأحداث والمواجهات الأمنية التي تشهدها قرى ومناطق البحرين. وبدل أن تقوم إدارة السجن بعلاج الإضراب عبر الحوار والتفاهم والبحث في الأسباب والدوافع وراءه، قامت هي بالإيعاز لأفراد القوات الخاصة بالتدخل واستخدام القوة المفرطة لحمل السجناء على فك إضرابهم، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد غير معروف من الجرحى وذلك لتعتيم المسئولين بالوزارة وإدارة السجن على كل التفاصيل وامتناعهم عن إعطاء تفاصيل أو أرقام عن عدد الجرحى. وذهبت إدارة السجن إلى منع جميع الزيارات المخصصة للسجناء وحجب جميع طرق الاتصال بهم. وعلم مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن القوات الخاصة قامت باستخدام القوى المفرطة في معاقبة النزلاء في سجن "جو" المركزي عدة مرات كان آخرها يوم أمسٍ الأول حيث تعرض العديد منهم لإصابات متفرقة نقلوا على إثرها بالباصات الصغيرة التي تفتقد إلى أدوات الإسعاف الضرورية إلى أماكن مجهولة، في حين تعرض آخرون للضرب المبرح والحبس الانفرادي.
ومن بين المحتجزين انفرادياً السجين كميل حسن المنامي والذي تستدعي حالته إبقاؤه في مستشفى الطب النفسي لتلقي العلاج اللازم. وتنص القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء[2] على أن "العقوبة الجسدية والعقوبة بالوضع في زنزانة مظلمة، وأية عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، محظورة كلياً كعقوبات تأديبية". كذلك "لا يجوز في أي حين أن يعاقب السجين بالحبس المنفرد أو بتخفيض الطعام الذي يعطى له إلا بعد أن يكون الطبيب قد فحصه وشهد خطياً بأنه قادر على تحمل مثل هذه العقوبة" وحسب مزاعم أهالي المسجونين أن غالبية الاعتداءات التي حصلت من قبل القوات الخاصة كانت بأوامر أو بالاشتراك مع مجموعة من الضباط. ويزعم بعض السجناء بأن هناك من إدارة السجن من يقوم بتسريب الهواتف النقالة وبيعها على المسجونين بمبالغ باهظة ويضطر السجناء لشراءها ليتسنى لهم التواصل مع ذويهم، حتى أن يتم مصادرتها من قبل حراس السجن عند تفتيشهم ليتم بيعها مرة أخرى لنزلاء آخرين. وتنص القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أن "على إدارة السجون أن تنتقى موظفيها على اختلاف درجاتهم بكل عناية، إذ على نزاهتهم وإنسانيتهم وكفاءتهم المهنية وقدراتهم الشخصية للعمل يتوقف حسن إدارة المؤسسات الجزائية". يُذكر أن الغالبية العظمى من الحراس العاملين في السجن هم من غير البحرينيين بل يغلب عليهم دوي الجنسية الباكستانية والذين يعتقد أنه قد تم شحنهم ضد المعتقلين المتهمين بقتل مقيم أفرادا من نفس الجنسية التي يحملوها هؤلاء الحراس.
هذا وتزايدت أعداد الشكاوي في الأشهر الأخيرة عن تعرض السجناء لسوء المعاملة في كثير من مراكز التحقيق أو الإحتجاز المؤقت ومنها السجن المركزي "جو" ومبنى التحقيقات الجنائية ومركز الاحتجاز المؤقت المعروف بسجن الحوض الجاف وكذلك بعض مراكز الشرطة التي عادة ما يحتجز فيها المتهم حتى انتهاء التحقيق. وقد حدثت حالتي وفاة على الأقل في الأشهر الأخيرة لنزلاء من نفس السجن وعزت سلطات السجن حينها موتهم لظروف صحية إلا إنها لم تفتح تحقيقاً مستقلاً عن حالات الوفاة. ولم تمنح أي جهة حقوقية مستقلة الإذن لزيارة السجن المركزي في "جو" منذ المرة الوحيدة التي كانت في شهر ديسمبر 2005. وفي تسعينات القرن الماضي سمحت السلطات وتحت الضغوط الدولية لوفد من لجنه الصليب الأحمر الدولي بزيارة السجون وأماكن الإحتجاز وذلك تحديداً في شهر ابريل من عام 1996م أثناء ما عرف بإنتفاضة التسعينات حيث كانت السلطات تحتفظ بالمئات من السجناء والمعتقلين السياسيين. وتدمج السلطات البحرينية السجناء الجنائيين مع السياسيين ولا تفصل بينهم حسب ما تتطلبه القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي أوصى باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة.
وبناء على ما سلف يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان وزارة الداخلية بـ:
1. السماح الفوري لمنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة السجون وأماكن الاحتجاز الدائمة والمؤقتة، وتوفير الظروف لها للقيام بدورها بكل حيادية واستقلالية. 2. التحقيق الفوري في كل مزاعم التعذيب أو الاستخدام المفرط للقوة ضد السجناء العزل وتقديم كل من تثبت إدانته إلى محاكمة علنية شفافة. والأخذ بتوصيات المنظمات والمؤسسات الدولية في هذا الشأن بما فيها التوصيات التي أشير إليها في تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش في فبراير الماضي وكذلك توصيات لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. 3. إطلاع أهالي المسجونين والموقوفيين على حالة أبنائهم الصحية ومدى الضرر الذي ألم بهم جراء تلك الإصابات وكذلك توفير العلاج اللازم والسريع لهم والسماح لأهلهم باللقاء بهم فوراً من أجل الاطمئنان على سلامتهم. 4. الالتزام بالمعايير الدولية لمعاملة السجناء على رأسها المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الأمم المتحدة في ديسمبر عام 1990 وكذلك القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي أوصي باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955 وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في يوليو 5. الوقف الفوري لكل أشكال الاعتداءات والاستخدام المفرط للقوة بحق نزلاء السجن المركزي وفتح تحقيق محايد عن أسباب إضراب السجناء. والتأكد أن يعامل كل السجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر لهم نفس حقوق الإنسان المشار إليها في المواثيق الدولية. 6. السماح للنزلاء بممارسة حرياتهم الدينية داخل مراكز الإحتجاز ومنها سجن "جو" المركزي والتحقيقات الجنائية والكف عن التضيق عليهم وحرمانهم من حقوقهم الدينية والإنسانية. 7. تحسين ظروف السجون وأماكن الاحتجاز الدائم والمؤقت والسجن الخاص بالنساء واحترام المعتقدات الدينية والمبادئ الثقافية للفئة التي ينتمي إليها السجناء.